الدولار الجمركي… تخفيض بأمر (التضخم)


السودان اليوم:

تأثير رفع سعر الدولار الجمركي، سيكون سالباً على حركة الاقتصاد بالبلاد، هذا الإجراء الاقتصادي يعتبر الأكثر خطورة على البلاد، إذ يقلل من الواردات المتعلقة بالصناعة المحلية، وربما تسهم في إخراجها عن الأسواق وتوقف دورة إنتاجها، هذا ما قاله رئيس غرفة المستوردين مالك جعفر قبل عشرة أشهر في بيان تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية إبان إقرار رفع الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً بدلاً عن 6.9 جنيهات.



مقترح جمارك

بالأمس قدمت هيئة الجمارك مقترحاً لوزارة المالية ومجلس الوزراء، بخفض قيمة الدولار الجمركي في موازنة العام 2019، وفقاً “لباج نيوز” التي قالت إن المقترح الذي تسلمته وزارة المالية يتضمن تخفيض قيمة الدولار الجمركي مع زيادة الرسم الإضافي لبعض السلع. مقترح هيئة الجمارك وجد ترحيباً من قبل المختصين والاقتصاديين لجهة أنها المتضرر الأول من رفع القيمة، برغم أن البعض يرى أن الواقع يتطلب مراجعة الفئة الجمركية التي أثرت بشكل كبير على ارتفاع التضخم، في نفس الوقت الذي تتطلع فيه الحكومة إلى الوصول إلى رقم أحادي ضمن موازنتها السنوية. ورغم تلويح غرفة المستوردين بإمكانية إحجامها وتوقفها عن الاستيراد في حالة تطبيق الحكومة الزيادة التي بلغت نسبتها 270% بموازنة العام الجاري 2018م، قائلين بأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى نشاط الاستيراد غير المقنن والتهريب، إلا أن بعض المستوردين استطاعوا مواجهة الأمر بتحميل المواطن أي زيادة أقرتها الفئة الجمركية.



تقليص وتنشيط

مالك جعفر، قال في بيان الغرفة، إن قطاع الاستيراد يساهم في إيرادات الدولة بنسبة 70%، وأكد تراجع عدد المستوردين بنسبة كبيرة تصل إلى النصف بسبب السياسات التي تنتهجها الحكومة. وقال: الزيادات ستؤدي إلى تقليص حجم الاستيراد وتنشيط عمليات التهريب والاستيراد غير المقنن وتفقد الحكومة إيرادات.

الآن وبعد أن تسلمت وزارة المالية مقترح الجمارك بتخفيض القيمة الجمركية يدور نقاش حول المقترح في ظل توقعات بإصدار قرار نهائي حوله، خاصة وأن وزارة المالية لم تقل كلمتها النهائية، الأمر الذي وصفه كثيرون بالأمر الإيجابي في مراجعة الرسم الجمركي.

انفلات

رفع قيمة الدولار الجمركي، أثر بشكل غير مسبوق على أسعار السلع، وعاشت الأسواق انفلاتاً كبيراً أدى إلى عجز المواطنين عن توفير احتياجاتهم الأساسية والقدرة على شرائها، بل ارتفع التضخم بنسب كبيرة تجاوزت الـ64% رغم أن أهداف الموازنة العامة للدولة تشير إلى إمكانية تحقيق رقم إحادي، ولكن لم تفلح جهود الحكومة في بسط سيطرتها على استقرار الأوضاع الاقتصادية الذي تأزم بشكل كبير وكانت قيمة الدولار الجمركي أحد أهم الأسباب.



اقتصاد كلي

دافع أصحاب شأن ومراقبون عن مقترح الجمارك بقولهم إنهم أصحاب خبرة ودراية بتأثير الدولار الجمركى ما جعلهم يقترحون التخفيض، كما يقول آخرون بأن الأمر يرتبط بالاقتصاد الكلي، وليس بالإيراد وحده.

ويقول دكتور أمين عباس محمود الناطق الرسمي باسم اتحاد أصحاب العمل السوداني إن تخفيض قيمة الدولار الجمركي ليس لها صلة بخفض أو زيادة إيرادات الجمارك بل متعلقة بمؤشرات الاقتصاد الكلي وهو التضخم. وأضاف: كلما زادت الفئة الجمركية، زاد التضخم والعكس، مؤكداً أن المقترح في حال الموافقة عليه يخفض التضخم وتعود عمليات الاستيراد إلى حجمها الطبيعي، بالتالي تتوافر أصناف كثيرة من السلع، معتبراً حراك الجمارك يأتي في إطار نظرية اقتصادية صحيحة خاصة بعد أن ثبت بالتجربة أنها قد تزيد الإيرادات، ولكنها تزيد أيضاً من وتيرة التضخم الذي يعتبر هماً كبيراً للإصلاحات الاقتصادية، ومؤشراً لنجاح السياسة من فشلها، وقال: إذا أرادت الحكومة الوصول بالتضخم إلى رقم أحادي، فذلك يتطلب عملاً دؤوباً في كل المجالات. واعتبر حديث الجمارك واقعياً واتجاهاً حقيقياً لدعم توجه الدولة الإصلاحي.



انخفاض كبير

أما الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي يقول، إن إدارة الجمارك أدركت أن وارداتها انخفضت كثيراً، وفقدت حصائل ما تسبب في حدوث جمود وتكدس للبضائع رغم تكييف بعض المستوردين لأوضاعهم، إلا أن الجمارك أدركت أن ذلك لا قيمة له في ظل التناقص المستمر للإيرادات. وأكد الرمادي أن استمرار الدولار الجمركي بنفس قيمته السابقة يعتبر قنبلة موقوتة يمكنها الانحدار بالاقتصاد لمستويات غير مسبوقة في تاريخه بسبب القراءات الخاطئة التي كلفته هزات لم تحدث من قبل، وأضاف: لن نستغرب إذا حدثت هزة في ظل الرقم 18 جنيهاً، ودعا إلى تخفيضه في حدود 10 جنيهات خاصة وأن إجراءات خفض العملة المحلية أحدث أيضاً ارتفاعاً في التضخم ضاعف من تكلفة المعيشة، بالتالي فإن إجراء خفض قيمة الدولار الجمركي ربما تفتح باباً ومتنفساً في معيشة المواطن، كما أن القرار أدى إلى توقف أكثر من 80% من المصانع بسبب مدخلات الإنتاج، وقال: ربما يمتص القرار المتوقع جزءاً من الغلاء وبعضاً من آثار الصدمة.

إرسال تعليق

0 تعليقات